[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
يفكر الناس في تجميل أشكالهم ووجوههم .. لكن من فكر في تجميل شخصيته وذاته !
بقلم : الأستاذ أحمد بوعبد الله
تخضع الكثير من السيدات والأوانس في عصرنا هذا إلى عمليات جراحية قصد تجميل المظهر الفيسيولوجي وتحسينه، بل وحتى الكثير من السادة كهولا وشبانا، أضحوا هم أيضا يلجؤون لهذه العمليات.
عزيزي القارئ، هل يمكن لي ولك القيام بعمليات جراحية قصد تجميل الجانب المعنوي من الشخص الآخر؟، وهل يمكن إجراؤها لأناس قريبين منك أو مني قد يكونون بعض أفراد العائلة أو زملاء في العمل أو حتى رؤساء أو مرؤوسين أو غيرهم ممن نتعامل معهم في حياتنا اليومية؟، وهل لهذه العمليات الجراحية الطفيفة و اللمسات الفنية الخفيفة فعلا أثر حقيقي علاجي وجمالي منشود؟
هذه الأسئلة –عزيزي القارئ- ليست مجرد دعوة للتفكير و التأمل بل هي بالإضافة إلى ذلك يقينا مطية نمطيها للوصول إلى تقنيات نفسية حديثة واستراتيجيات عملية في مجال التنمية البشرية، وكيف تحدث هذه التغييرات البسيطة و السريعة أثرا عظيما وتحولا كبيرا لصالح الشخص المراد تجميل مظاهر شخصيته.
وقبل البدء في إعطاء أمثلة على عمليات تجميلية ناجحة لمظاهر الشخصية، أؤكد أنها أدوات نفسية واستراتيجيات عملية وتقنيات سلوكية معدة خصيصا لإعادة تشكيل شخصية أي فرد ليكون أفضل مما هو عليه..، وليريك أفضل ما عنده.
كما أؤكد أنك بهذه التقنيات لست مضطرا من الآن للهروب و لا المواجهة و لا حتى التمويه، والتملق محاولة منك استيعاب الأشخاص ذوي الطباع الصعبة والتعايش معهم، وإنما سوف تتعلم كيف تعالج المشكلة بشكل جذري، دائم وسريع..كيف تجري عمليات تجميلية في شخصيات الآخرين ، نفسياتهم، معتقداتهم، مواقفهم وسلوكياتهم.
ستكون الأكثر مرونة والأكثر نضجا والأهدى سبيلا حينما تمضي في طريق اكتساب مهارات فن الدفع بالتي هي أحسن
إنها تقنيات نفسية تعمل على تغيير الحسابات اللاواعية تتلقاها نفسية الشخص المراد تجميلها ببساطة و هولة، وتدفعه إلى تبني قناعات أخرى أخرى، واختيارا مسارات أفضل.
وتتم عمليات الجراحة التجميلية على مستويات ثلاثة:
1-مستوى المعتقدات والقيم (التفكير)
2- مستوى العواطف والمشاعر
3- مستوى السلوك والعادات
أ- الجراحة التجميلية على مستوى القناعات:
من المعلوم بداهة عند المهتمين بدراسة السلوك الإنساني وكما هو تداول عندهم، للمعتقدات والقيم والقناعات سلطة قوية محكمة على سلوك الإنسان وعلى عواطفه، كما أنه من الثابت عندهم أن وراء كل سلوك قناعة، فإذا أردت تغيير السلوك، غيّر القناعة، تضمن بذلك سهولة التغيير وفعاليته.
ولإجراء جراحة على مستوى التفكير من أجل استئصال معتقد خاطئ أو قناعة باطلة، أو قيمة بالية، توجد هناك عدة استراتيجيات شتى
الاستراتيجية النفسية الأولى: (إحداث الصراع بين المعتقدات البالية وبين الهدف النشود) إذا احدثت صراعا داخليا بين معتقد شخص وبين ما يريده من أهداف، فإنك تولّد عنده استعدادا لترك المعتقد القديم أو لتعديله أو استبداله بمعتقد جديد، وهذه الاستراتيجية لها عدة تقنات نختار منها للتوضيح:
تقنية تقديم الإختيارالقوي(القادر على زلزلة المعتقد وزحزحة القناعة):
مثال على هذه التقنية قصة صاحب شركة ينتمي إلى جهة معينة من جهات لوطن، وله تعصب كبير لجهته، وتحيز كبير ضد جهة أخرى !!!.
هذا الشخص يرفض بقوة تشغيل أو توظيف أي شخص من غير جهته، ويرفض قوة أكبر إذا كان هذا الشخص من الجهة المتحيز ضدها، لكن الغريب فعلا هو أنه قبل بتوظيف شاب من هذه الأخيرة، بل و جعله من المقربين و هو اليوم عنده قوي مكين !!!.، لنرى كيف تم ذلك
ببساطة لما علم صاحب الشركة بأن هذا الشاب من الممكن أن يدر على شركته أرباحا تصل إلى خمسمئة إضافية زيادة على ارباحه المعتادة، أسال هذا الخبر لعابه وجعله ينسف كل معتقداته الظالمة البالية.
عزيزي القارئ، هذه القصة حقيقية و أبطالها على مسرح الحياة ما زالوا أحياء وكاتب هذه المقالة صديق للشاب الذكي، ولصاحب الشركة المرن.
الاستراتيجية النفسية الثانية: وملخصها أننا إذا ما رآنا شخص ما في صوة حسنة، عادة ما نجتهد للإبقاء على تلك الصورة التي كونها عنا حية وسليمة، وهذه التقنية تسمى تقنية تماسك الصورة
تقنية تماسك الصورة:
مما يؤكد هذه التقنية أن تجد شخصا مستعدا لخدمة ومساعدة شخص بالكاد يعرفه ولا يفعل ذلك مع قريب له
مثال على ذلك: تخاطب أم ولدها الذي تحصل على نتائج متواضعة في امتحانات الفصل الأول من العام الدراسي بقولها: "أنا أقدر جهدك وحرصك على التحصيل الدراسي المتميز، وأتوقع منك في الفصل الثاني أن تثمر جهودك لأنني مؤمنة بقدراتك يا بني"، ماذا فعلت هذه الأم أكثر من أنها وضعت ابنها في أحسن صورة ورأته بأحسن منظار، من المؤكد أن يجهد الولد نفسه من أجل أن يبقي هذه الصورة حية و سليمة ما وجد إلى ذلك سبيلا.
الجراحة التجميلية على مستوى العواطف والمشاعر:
تعد العواطف و المشاعر القوة المحركة و الطاقة الدافعة نحو أهدافنا وخياراتنا في الحياة، و إذا شئت الحقيقة -عزيزي القارئ- أخبرك أن أكثر من 90 % من قراراتنا ينبع من عواطفنا ثم نقدم بعد ذلك على تبريرها وعقلنتها بأساليب منطقية.
وسر اهتمامنا بالجانب العاطفي هو أنك إذا وصلت إلى عواطف أي شخص تكون قد وصلت إلى صانع القرارات الحقيقي في داخله، وسنكتفي في هذا المجال باستراتجية واحدة وتقنية واحدة:
الاستراتيجية المختارة هنا فحواها أن نقل التركيز عند الشخص الكئيب من الجانب السلبي إلى جانب آخر وإتاحة الفرصة له لمساعدتنا يزيد من ثقته بنفسه ويقوي إيمانه قدراته، ويشعل أحاسيس السعادة العاطفية لديه.
والتقنية المجتباة هنا هي تقنية نقل التركيز: مثال على ذلك، عندما تأتي إلى شخص خرج حديثا من تجربة قاسية فتطلب منه مساعدة أو استشارة أو نصيحة تكون بذلك قد حولت تركيزه من ذاته إلى شخص آخر وهذا يعد نقلة عظيمة من الناحية النفسية ويتحسن مزاجه لأنه سيشعر أنه محل ثقة وسيشعر بأنه الأفضل في تخصصه كما سيشعر بإمكانية الاعتماد عليه.
الجراحة التجميلية على مستوى السلوكيات و العادات و المواقف:
في هذا المجال ينبغي أن نفرق دائما بين الشخص وسلوكه إن كان السلوك سلبيا مدمرا للذات، ولدفع شخص ما لتغيير سلوكه أو تعديله يوجد عدد لا بأس به من الاستراتيجيات العملية و التقنيات النفسية التي تفي بالغرض لكننا في هذا المقام نكتفي بواحدة فقط للتدليل
تقنية "توقف عن العتاب و الاستجداء واعط دعمك قبل أن تقدم الإقتراح":
من الناحية النفسية كلما وبخت أو عاتبت شخصا على سلوكه كلما عمقت فيه ذلك السلوك، و بالتالي يفقد أي حافز لإحداث تغيير، وهاك مثالا على ذلك:
حدث معي أن سيدة فاضلة حضرت عندي دورة في البرمجة اللغوية العصبية، وكانت تشتكي من سفريات زوجها المتكررة، وأثناء الدورة جربت معه هذه التقنية:
اتصلت به هاتفيا و أخبرته أن القرار قراره، و أنه هو رجل البيت و سيد الموقف، وفي النهاية ما يقرره هو الذي سيكون، لكنها تفضل لو كانت معه و أنها تؤمن بقراراته الحكيمة، فما كان منه إلا أن دعاها بغاية الإلحاح لتلحق به وتكمل معه جولته في دول آسيا .
عزيزي القارئ، أردت من خلال هذه المقالة أن أبين لك أن هناك ثراء كبيرا في هذا المجال الذي يجمع بين حداثة المعلومة وقوتها ومتعة التجربة و إثارتها، كما أنه يطلعك على أسرار النفس البشرية وقوانينها.
و إذا لاحظت معي فإن البشرية اليوم أمام تحول كبير من تكنولوجيا الآلة إلى تكنولوجيا الإنسان، هذه الأخيرة التي تعطيك إدارة راقية للذات و المواقف و تساعدك على تجاوز التحديات.
بتقنيات الدفع بالتي هي أحسن تكون رحمة لنفسك وعلاجا رحيما للآخرين و من هذا القبيل أن تجعلهم أفضل مما هم عليه، ويجودون عليك بأفضل ما عندهم، و لعلك استخلصت بنفسك أن لكل شيء كتيب استخدام لا بد من مراعاة تعليماته إذا أردت استثمار ذلك الشيء