الإثنين مايو 09, 2011 3:27 pm
رسالة بيانات كاتب الموضوع
تعريف الإمامُ التِّرمذي للحديث الحسن المعلومات الكاتب:
اللقب:
عضو فعال
الرتبه:
الصورة الرمزية
البيانات تاريخ التسجيل : 08/05/2011 عدد المساهمات. : 44 العمر. : 30 هوايتي. : دولتي.. :
الإتصالات الحالة: وسائل الإتصال:
لتواصل معنا عبر الفيس بوك: تويتر:
موضوع: تعريف الإمامُ التِّرمذي للحديث الحسن
- قال الشيخ طارق عوض الله ـ وفقه الله ـ في شرح المنظومة البيقونية : .. وأما الإمامُ التِّرْمذي رحمه الله فقد أشار إلى تعريف الحديث الحسن في (( العلل )) ـ الذي في آخر كتابهِ (( الجامع )) ـ ؛ بقولهِ : ( وما ذكرْنا في هذا الكتاب ـ يعني : الجامع ـ : (( حديثٌ حسنٌ )) ؛ فإنما أردنا بهِ حُسْنَ إسنادهِ عندنا : كلُّ حديثٍ يُروْى في إسنادهِ مَنْ لا يُتَّهم بالكذِب ، ولا يكون الحديث شاذَّاً ، ويُرْوى من غير وجهٍ نحو ذلك ؛ فهو عندنا حديثٌ حسنٌ ) اهـ . فَيَتَبيَّنُ بهذا أن الإمام التِّرمذي يَشْتَرِطُ للحديث الحسن ثلاثة شروطٍ : الشرط الأول ( وهو متعلِّقٌ بالرَّاوي ) : سلامة رواته من التُّهمة بالكذب ، فدخل بذلك في الحديث الحسن : الراوي الثِّقة ، والصدوق ، والضعيف ضعفاً هيِّناً في حِفْظِهِ وضَبْطِهِ ، بشرطِ سلامته من التهمة بالكذب . ويلتحق بـ ( المُتَّهم بالكذب ) : مَنْ كانَ شديد الغفلة كثير الخطإِ ، وهذا الذي يُضَعَّفُ حديثه جداً ، ويكون متروك الحديث غير مُشتغلٍ به عند العلماء . وقد ذكر التِّرمذي في موضعٍ آخر : ( أن مَنْ كان مُغفَّلاً كثير الخطإِ ؛ لا يُحْتجُّ بحديثهِ ، ولا يُشتغل بالرواية عنه عند الأكثرين ) . وقال الإمامُ مُسْلِمٌ في مُقدِّمة ( صحيحهِ ) : (( فأما ما كان منها عن قَوْمٍ هُم عندَ أهلِ الحديث مُتَّهِمون ـ أو عند الأكثر منهم ـ ؛ فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم . . . وكذلك من الغالبُ على حديثه المنكرُ أو الغلط ؛ أمسكنا ـ أيضاً عن حديثهم )) اهـ . ثم بيَّن علامة المنكر من الحديث ، ثم قال : (( فإذا كان الأغْلَبُ مِنْ حديثه كذلك ـ أي : مناكير وأخطاء ـ ؛ كان مهجورَ الحديث ، غير مقبوله ولا مُسْتَعْمَلِه )) . الشرط الثاني : ( وهو مُتعلِّقٌ بالرِّواية ) : أن تكونَ الرواية سالمةً من الشذوذ ‘ في المتن والسَّند . وسنزيد هذا الشرح إيضاحا ـ لأهميته ، ولكثرة وقوع الخطإِ والخلْطِ فيه ـ ؛ فنقول : 1- معنى سلامة المتن من الشذوذ : ألا يُخالِفَ ما فُرِغَ مِنْ صِحته مِنَ الأحاديث الصحيحة الثابتة في الباب ، كمال قال شيخ الإسلام ابنُ تيمية ـ في (( مجموع الفتاوى )) ـ والإمام ابن رجبٍ ـ في (( شرح العلل )) ـ ، عِندَ شَرْحِهِما لكلامِ الإمام التِّرمذي هذا .فإنْ خالف الحديثُ الأحاديثُ الصحيحة لا يكون حَسَناً بحالٍ ؛ لأنه إن خالفَ سيكونُ شاذًّا ، والشَّاذُ لا يكون حسناً ! ولا يتقوَّى بغيرهِ ؛ فهو لا يكاد يتقوَّى حتى ينهار ؛ لأن هُناك ما يُخالفه ممَّا هو أصحُّ منه . 2- وأمَّا معنى سلامة الإسناد من الشذوذ : أن نكون قد تحقّقْنا مِن عدم وقوع أي خطإٍ في الإسناد . ففي الحديث الحسن لغيره : يكون راويه ضعيفاً ، لا ندري : هل خَفِظَ روايته وضبطها ، أم لم يضبطها ؟ فإن تيقَّنا من عدم حفظه للإسناد ؛ فلا ينفع حديثه في الشواهد والمتابعات ؛ لأننا تيقنَّا من وقوعِ خطإٍ في الرِّواية . وفَرْقٌ بين وجود مظنَّة الخطإِ ، وبين التحقُّقِ مِنَ الخطإِ فِعْلاً ؛ فوجود الراوي الضعيف في الحديث هو مظِنَّةُ لِوقوع الخطإِ في الحديث ، لكنَّه غيرُ مُتحققٍ ؛ إذ ليس وجود الراوي الضعيف في الإسناد يلزم منه وقوع الخطإ في الحديث ؛ إذ قد يكون أصاب في هذه الرواية ولم يُخطئ فيها ، هذا بخلاف ما إذا تحققنا مِنْ أنه أخطأ بالفعل في الرواية ـ في إسنادها أو متنها ـ ؛ فحينئذٍ لا تنفع هذه الرواية في باب الإعتبار والتقوية ؛ إذِ الخطأ المُتحقق لا تنفعه الروايات المُتعددة ، بخلاف الصورة الأولى التي لم يتحقق فيها خطأُ الراوي ؛ فهي تنفع في هذا الباب والله أعلمُ . الشرط الثالث : ( وهو مُتعلِّقٌ بالرواية ـ أيضاً ـ ) : أن يُروى هذا الحديث من غير وجهٍ نحوه ؛ بمعنى : ألا يكونَ الراوي مُنْفَرِداً بتلك الرواية ؛ بل يكون لها من الشواهد والمتابعات مايُؤكِّدُ ضبطَ الراوي وحِفظه لها . ومعنى (( نحو ذلك )) : أن كل الروايات تكون على نحوٍ واحدٍ ؛ مِنْ حيثُ : سلامة رُواتها من التُّهمة بالكذب ، وسلامة الرواية من الشذوذ . وأيضا من حيث المعنى ؛ بمعنى : ان تكون الرواية العاضدة مُتضمِّنةً نفس المعنى الذي تضمنته الرواية الأولى ؛ فيكون هذا المعنى الذي اشتركت فيه الروايات معنىً حسناً ؛ فيكون ـ حينئذٍ ـ حُجَّةً من حيثُ المجموع . وهذا التعريفانِ ـ للخطَّابي والترمذي ـ من العلماء مَنْ حملهُما على معنىً واحدٍ ؛ فإنَّ قول الخطابي: (( ما عُرِفَ مَخْرَجه )) مِثْلُ قول الترمذي : (( ولا يكون الحديث شاذّاً )) ؛ لأن الشاذ غير معروف المخرج ـ كما سبق ـ ، وقول الخطابي : (( واشتهرَ رجاله )) هو كمثل قول الترمذي : (( ولا يكون في إسناده من يُتهم بالكذب )) ، وأما قول الترمذي :: (( ويُروى من غير وجهٍ نحو ذلك )) ؛ فيدل على مثله قول الخطابي : (( ما عُرِفَ مخرجه )) ؛ لأن معرفة المخرجِ تارةً تكونُ بثقةِ الرواة واشتهارهم ، وتارةً بتتابع الرواة على رواية الحديث أو معناه ؛ بحيث يكون مشهوراً غير غريبٍ ولا شاذٍّ . ومِنَ العلماء مَنْ حملهما على معْنَيَيْنِ مُختلفين ، ثمَّ جمع بينهما : بأن أحد التعريفين يتنزل على نوعٍ من أنواع الحسن ، والتعريف الآخر يتنزل على نوع آخر منه : فالأول : وهو ما أشار إليه الناظم ـ تبعاً للإمام الخطابي ـ ، وهو ما يسميه الحافظ ابنُ حجرٍ بـ ( الحسن لذاتِهِ ) ، وجعله الإمامُ ابن الصلاح في (( مقدمته )) الشهيرة نوعاً مِن نَوْعَي الحديثِ الحسن ، ونزَّل عليهِ كلام الخطابي . والثاني : هو ما اشتمل عليه كلام الإمام الترمذي السابقُ قبل قليل : وهو ما يسميه الخافظ ابن حجر بـ ( الحسن لغيره ) ، وجعله الإمامُ ابن الصلاح نوعاً آخر ، ونزَّل عليه كلام التِّرمذي . ومعناه : أن الحديث ( الحسن لغيره ) ليس له إسنادٌ مُستقِّلٌ بذاته تقوم به الحُجَّةُ ؛ وإنما الحجة قامت بمجموع طُرُقِهِ . فإن كان متْنهُ أو معناه قد رُوِيَ بِعدَّة أسانيد ، كلُّ إسنادٍ منها لا تقوم الحجة به بمفرده ، وسَلِمَتْ هذه المُفردات من الشذوذ ، ورواتها من التهمة بالكذب ؛ ارتقى الحديث للتقوية ؛ وصارَ حسناً لِغيره ؛ أعني : صار حُجَّةً بمجموع طرقه .وحتى نُتحقق من كونِ الحديث صالحاً لأن ( يتقوَّى بالطُّرُقِ ) حتى يكون حسناً لغيره ؛ فهذا يحتاج إلى تفصيل طويل ليس هذا موضعه ، إلا أننا نؤكد كثيراً على ضرورة التحقيق ـ ابتداءً ـ مِنْ سلامة كل طريق يمفرده من طرق الحديث الذي نريد أن نُقوِّيه بغيره ، من الشذوذ والنَّكارة ، كمال قال الإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه الله : (( الأحاديث عن الضعفاء قد يُحتاج إليها في وقتٍ ، والمنكر أبداً مُنْكَرٌ )) . العلل للمروذي ومسائل الإمام أحمد لا بن هانئ فإن ثبت أن الرواية قد اعتراها شذوذٌ أو نكارةٌ ، سواءً في السند أو المتن : فلاتنفع الطرق في تقويتها ، ولا تدخل في اسم الحسن بحال ! فالحاصل : أنه يلزم لتقوية الحديث بغيره أن تكون مفردات طرقه حميعها سالمةً من الشذوذ والنكارة ابتداءً ، وأن يكون ضعفُ رواتها هيِّناً يسيراً غير شديد ـ فلا يكونون كذَّابين ، ولا مُتهمين بالمذب ، ولا مُغفَّلين مثيري الأخطاء متروكين ـ .فإن تحقق لك ؛ واجتمعت هذه ا لطرق مع بعضها ؛ فإنها تحدث قوةً للرواية ، ويرتقي الحديث بها إلى رتبة الحسن لغيره ، ويكون حُجَّةً . إذا فَهمت هذا ؛ فاعلم ـ رحمك الله ـ أن اسم ( الحسن ) لا يقتصر إطلاقه عند الأئمة النقاد على ماسبق فحسب ؛ بل قد يُطلقون الحسن ويريدون به معاني أُخَر ؛ كالمنكر والغريب ! بل ويطلقونه ـ أحيانا ـ على مايرتفع فوق رتبة الحسن عند المتأخرين ؛ فيطلقونه على الأحاديث الصحيحة . وهذا يقع في كلام أهل العلم في عدة مصطلحات ؛ فقد يستعملونها لعدة معانٍ ، وقد يكون للمصطلح الواحد عدةُ معانٍ ، تحتلف من استعمال عالمٍ لآخر . وسيأتي أمثلىٌ لذلك ـ إن شاء الله ـ ، كلفي موضعهِ .واعلم ؛ أن كتب مصطلح الحديث قد اعتنى أصحابها فيها بتحرير معاني اصطلاحاتهم ؛ بل صُنِّفت بعض الكتب في بيان اصطلاحات أئمة الشأن في علمٍ بعينه من علوم الحديث ، وهو علم الجرح والتعديل . / من ذلك كتاب (( الرفع والتكميل )) للكنوي وهو مفيدٌ في بابه . ومن ذلك : ما ألفه أخونا ( أبو الحسن مصطفى إسماعيل المأربي ، ثم اليمني ) في شرح اصطلاحات الأئمة المتعلقة بالجرح والتعديل ، في كتابٍ سمَّاه : (( شِفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل )) ، وهو كتابُ حافِلٌ مُتوسِّعٌ ، مطبوعٌ جَمَعَ فأوعى ؛ فجزى اللهُ مؤَلِّفه خيراً . وقد تُشْكِلُ على الطالب في بداية طلبه بعض الاصطلاحات ، ولا يعرف موضعها الصحيح فيضعها فيه ، والسبيل لحلِّ هذهِ الإشكالات ـ كغيرها من الإشكالات ـ هُوَ : 1- الممارسة والمدارسة لكلام أهل العلم ، مع الصبر على ذلك . والعلم لا يُستطاع براحة الجسم ، كما قال يحيى ابن أبي كثير رحمه الله(1) . رواه مسلم 2- سؤال أهل العلم . وإنما أردنا الإشارة إلى مسألة احتلاف اصطلاحات الأئمة ؛ لأمرين : الأول : أن نفهم كلام الأئمة النقاد على وجهه ، وأن نعي مرادهم بذلك . الثاني : ألا نُنْكِرَ عليهم إن استعملوه في غير هذين المعنيين السابقين .
الموضوع الأصلي : تعريف الإمامُ التِّرمذي للحديث الحسن // المصدر : منتديات أحلى حكاية // الكاتب: amir.alhayat amir.alhayat ; توقيع العضو